الاثنين، 10 نوفمبر 2014

أقسام الخلق في الدعوة النبوية ومنازلهم: قسمان قسم سعيد وقسم شقي.

ذكر النبي ﷺ أقسام الخلائق بالنسبة إلى دعوته وما بعث به من الهدى في قوله 
" مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضا فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء فانبتت الكلأ والعشب الكثير وكانت منها أجادب أمسكت الماء فسقى الناس وزرعوا، وأصاب طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ فذلك مثل من فقه في الدين فنفعه ما بعثني الله به ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به. "
فشبه صلى الله عليه وسلم العلم الذي جاء به بالغيث لأن كلا منهما سبب الحياة، فالغيث سبب حياة الأبدان والعلم سبب حياة القلوب، وشبه القلوب بالأودية كما في قوله تعالى: {أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها}
وكما أن الأرضين ثلاثة بالنسبة إلى قبول الغيث.
إحداها: أرض زكية قابلة للشراب والنبات، فإذا أصابها الغيث ارتوت ومنه يثمر النبت من كل زوج بهيج، فذلك مثل القلب الزكي الذكي، فهو يقبل العلم بذكائه فيثمر فيه وجوه الحكم ودين الحق بزكائه فهو قابل للعلم مثمر لموجبه وفقهه وأسرار معادنه، فهو كمثل الغني التاجر الخبير بوجوه المكاسب والتجارات فهو يكسب بماله ما شاء.

والثانية: أرض صلبة قابلة لثبوت ما فيها وحفظه فهذه تنفع الناس لورودها والسقي منها والازدراع، وهو مثل القلب الحافظ للعلم الذي يحفظه كما سمعه، فلا تصرف فيه ولا استنبط، بل للحفظ المجرد فهو يؤدي كما سمع وهو من القسم الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم: " فرب حامل فقه إلى من هو افقه ورب حامل فقه غير فقيه ".
وهو كمثل الغني الذي لا خبرة له بوجوه الربح والمكسب، ولكنه حافظ لما لا يحسن التصرف والتقلب فيه.

والأرض الثالثة: أرض قاع وهو المستوى الذي لا يقبل النبات ولا يمسك ماء، فلو أصابها من المطر ما أصابها لم تنتفع منه بشيء، فهذا مثل القلب الذي لا يقبل العلم والفقه والدراية، وإنما هو بمنزلة الأرض البوار التي لا تنبت ولا تحفظ، وهو مثل الفقير الذي لا مال له ولا يحسن يمسك مالا.
فالأول: عالم معلم وداع إلى الله على بصيرة فهذا من ورثة الرسل.
والثاني: حافظ مؤد لما سمعه فهذا يحمل لغيره ما يتجر به المحمول إليه ويستثمر.
والثالث: لا هذا ولا هذا فهو الذي لم يقبل هدى الله ولم يرفع به رأسا.

الرسالة التبوكية، ابن القيم ٥٦/١ 📖

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية