الاثنين، 23 نوفمبر 2015

#أنواع_الذنوب_ومكفراتها : الشيخ: عبدالعزيز الطريفي - حفظه الله -


#أنواع_الذنوب_ومكفراتها :


* الذنوب التي تكون من الإنسان على نوعين :
ذنوب مكفِّرة، وذنوب ليست مكفِّرة .

- الذنوب المكفِّرة : هذه لا تغفر حتى يقلع عنها صاحبها تائباً لله سبحانه وتعالى .

- الذنوب غير المكفِّرة : هي التي يُتوعَّد صاحبها بالنار، والله سبحانه وتعالى يتوعد عبده وقد يغفر الله سبحانه وتعالى له، وذلك إن شاء رحمه وإن شاء عذبه سبحانه وتعالى .


* المكفرات التي يجعلها الله جل وعلا للذنوب عديدة :

- أولها : التوبة والاستغفار .

- ثانيها : الحسنات التي تُذهب السيئات  {وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين}  .

الثالثة : المصائب والهموم التي تلحق الإنسان، وذلك من الأمراض والأسقام والكوارث الطبيعية، فقد الولد والمال، الهم والحزن، حتى الشوكة يشاكها الإنسان يكفِّر الله عز وجل بها من خطاياه؛ ولهذا يقول الله جل وعلا: 
{ويعفوا عن كثير}  يعني: يعفو الله عز وجل عن عبده بالمصيبة التي تنزل عليه، ولكن الله عز وجل لا يجعل المصيبة موجبة للتكفير وإنما الصبر المقترن معها هو الذي يُكفِّرها، فمن وقع في مصيبة فتسخط وتضجَّر وسب وشتم ولعن ولم يصبر؛ فهذا لا يؤجر على مصيبته ولا يكفر الله عز وجل بها، وقد يجمع الله عز وجل للإنسان التكفير مع وجود السخط لأن السخط دون عِظم المصيبة؛ فالذي يتسخط من شوكة يختلف إذا تسخط مِن فقدِ مال وولد، فتسخطه الذي تسخط بالشوكة ربما أتى على أجر مصيبة الشوكة لكنه لا يأتي على أجر مصيبة فقد الولد كله، فينقص من أجر صبره بمقدار زوال الصبر من ألم المصيبة، والله سبحانه وتعالى عدل في ذلك؛ يُنصف عبده في حقه .

* ومن المكفرات أيضاً :
دعاء غير الإنسان له؛ وذلك أن يدعو الإنسان لغيره بأن يغفر الله له وأن يتوب عنه وأن يتجاوز؛ وهذا أصل في مشروعية الدعاء للغير، وإلا ما شُرع الدعاء للغير بالاستغفار إلا لأن الله عز وجل يخفف أو يزيل ذنب ذلك الإنسان بدعاءك له .

* ومن المكفرات أيضاً:
ما يأتي من امتحان وفتنة للإنسان في حياة البرزخ .

* ومن المكفرات أيضاً:
ما يجد الإنسان من شدة من الوقوف في عرصات يوم القيامة، يخفف الله عز وجل على عباده .

** هذه المكفرات كلها لا تأتي على الشرك إلا التوبة والاستغفار يأتي على الشرك بعينه، أما بقية المكفرات لا تأتي على الشرك لعِظمه وغِلظه؛ فلو أصيب الإنسان بمصائب وهموم مدى الدهر، ما دام مشركاً لا تأتي على الشرك حتى يتوب الإنسان إلى الله عز وجل وينيب إليه ويوحده سبحانه وتعالى، إذاً تأتي على ماذا؟ تأتي على ما دونها، فالمصيبة بمقداراها .

وكذلك أيضاً كما أن الله جل وعلا يجعل الحسنات تُذهب السيئات، فالله جل وعلى أيضاً يجعل السيئات تُذهب الحسنات؛ وهذا موضع خلاف عند أهل السنة،  على قولين، والأرجح في ذلك أيضاً أنه كما أن الحسنة تُذهب السيئة فالسيئة أيضاً تُذهب الحسنة ولكن دون إذهاب الحسنة للسيئة؛ لأن رحمة الله عز وجل تسبق غضبه وسخطه، والأدلة في كلام الله وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم معروفة .



ونقول : إن محو السيئة للحسنة على نوعين :

الأول : مقابلة : يعني نقض الحسنة بضدها، كالمن والأذى الذي يلحق الصدقة {لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى}  المن والأذى معصية، امتنَّيت على المال بذاته أو امتنَّيت بمال غيرك فأنت عصيت الله عز وجل في هذا الأمر، فإذا مننت بصدقتك أبطلت أجرك .

الثاني : غير مقابلة : وهو أن يُبطل الله حسنة بذنب من غير جنسه ولا يقابله، كإبطال أجر ذكر بذنب آخر كزنا أو شرب خمر أو غير ذلك، ولهذا يقول الله جل وعلا في كتابه العظيم: {يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون}  والخطاب هنا يتوجه إلى الصحابة، وجاء ذلك في خيرة الصحابة  - عليهم رضوان الله - .

وكذلك أيضاً في قول النبي عليه الصلاة والسلام كما جاء في حديث عائشة، قالت عائشة لأم زيد بن أرقم لما تبايع بالعينة : ((أخبريه أن قد أبطل جهاده مع رسول الله إلا أن يتوب))؛ وذلك أنه أبطل أجر الجهاد بذنب عظيم وهو العينة لكونه صنف من أصناف أكل أموال الناس بالباطل .


ولهذا نقول: إن المعصية تأتي على شيء من الطاعات، ولكن هذا له تفصيل في مسألة رجوع ذلك إلى عمل القلب وعِظم ذلك العمل مع تعظيم ذلك القلب؛ فكلما عظُم العمل مع استحضار هيبة الله فإن العمل القليل يُعظَّم، والذنب الحقير إذا استهان الإنسان بالمعصية وازدراها ولم يكترث بها فإنها تكون عند الله عظيمة؛ وهذا له تفصيل ليس هذا محله .

كذلك أيضاً ينبغي أن نشير إلى أن الذنوب التي يفعلها الإنسان على نوعين باعتبار التعدي واللزوم :

ذنوب لازمة : يعني ذنوب خاصة بالإنسان، كشرب الخمر، كذلك أيضاً النظر المحرم، السماع المحرم؛ هذا ذنب لازم ليس لأحد فيه حق؛ وذلك أن الله سبحانه وتعالى ما رتب لأحد حق، فإذا شربت الخمر لا يوجد لأحد يستوفي منك حقاً إلا الله سبحانه وتعالى، كذلك أيضاً إذا سمعت غناء أو غير ذلك فهذا لا يلزم منه أن لأحد حق، كذلك أيضاً النظر، إذا نظر الإنسان إلى حرام فهذا ليس لأحد في ذلك حق يُستوفى، لماذا؟ لأن الله عز وجل أمر الناس بالستر فإذا ظهرت عورة ثم نظر فيها الإنسان أصبح ذلك الذنب لازم .


ذنوب متعدية : وهي حقوق الغير، بالدماء والأعراض والأموال؛ هذه لا يكفرها شيء من المكفرات كلها، حتى الاستغفار والتوبة، وإنما لابد فيها من إعادة الحقوق إلى أصحابها؛ ولهذا يقول النبي عليه الصلاة والسلام: ((من كانت عنده مظلمة لأخيه)) ما قال فليتب، قال : ((فليتحلله منها))، أن يكون للإنسان مال من غيره أخذه أو اغتصبه أو سرقه أو استدانه ولم يرجعه؛ لابد أن يعيده وإلا لابد من ذلك القصاص يوم القيامة بالحسنات والسيئات، ضرب أحداً؛ لا تكفرها الاستغفار، لابد من ذلك إما المسامحة أو القصاص، قتل أحداً؛ ليس له أن يستغفر ويتوب، ويكفي في ذلك؛ لابد أن يعرض نفسه لاستيفاء القصاص أو يتحلل من صاحب الدم وأولياءه... إلا إذا كان لا مجال لاستيفاء، كشخص لديه مال وفقد صاحبه لا يدري أين هو، وعليه لأحد حق لكن لا يدري في أي أرض هو؛ هذا إذا علم الله عز وجل صدقه وإنابته فإن الله سبحانه وتعالى يعطي ذلك قدره، ويعطي المظلوم حقه .

    
                                                    أهـ

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية