دلالة اللفظ، والدلالة باللفظ .
"يقع الخلط بين دلالة اللفظ، والدلالة باللفظ:
- فدلالة اللفظ: إفهام السامع من كلام المتكلم كمال المسمى ويسمى دلالة مطابقة، أو جزأه ويسمى دلالة تضمن .
أو لازمه ويسمى دلالة إلتزام .
وأما الدلالة باللفظ: فهي استعمال اللفظ إما في موضوعه وهو الحقيقة، أو في غير موضوعه وهو المجاز .
والباء في الدلالة باللفظ للإستعانة؛ لأن المتكلم يستعين بنطقه على إفهام السامع ما في نفسه .
والتفرقة بين القسمين من مهمات مباحث الألفاظ .
-
ومن الفروق بينهما: أن دلالة اللفظ صفة للسامع، وعلم وظن قائم بالقلب، بينما في الدلالة باللفظ صفة للمتكلم، وألفاظ قائمة باللسان، وقصبة الرئة .
وقد ذكر القرافي في نفائس الأصول شرح المحصول خمسة عشر وجهاً، للفرق بين القسمين لمن أراد الإستزادة، وما ذكرت يكفي في الفرق" .
^^ من تغريدات د. أحمد الذروي .
:
" فيقع الفرق بينهما في خمسه عشر فرقأ:
أحدها: أن دلالة اللفظ صفه للسامع، والأخرى صفه للمتكلم.
وثانيها: أن دلالة اللفظ محلها القلب؛ لأنه موطن العلوم، والظنون، والأخرى محلها اللسان، وقصبه الرئة.
وثالثها: ن دلالة الفظ علم، أو ظن، والأخرى أصوات مقطعة.
ورابعها: أن دلالة اللفظ مشروطة بالحياة، والأخرى يصح قيامها بالجماد؛ فإن الأصوات لا يشترط فيها الحياة.
وخامسها: أن أنواع دلالة اللفظ ثلاثة: المطابقة، والتضمن، والالتزام لا يتصور في الدلالة باللفظ، ولا يعرض لها، وأنواع تلك اثنان: الحقيقة، والمجاز لا يعرضان لدلالة اللفظ.
وسادسها: أن دلالة اللفظ مسببة عن الدلالة باللفظ، فالفهم ينشأ عن النطق، والدلالة بالفظ سبب.
وسابعها: أنه كلما وجدت دلالة اللفظ وجدت الدلالة باللفظ؛ لأن فهم مسمى اللفظ من الفظ فرع النطق باللفظ، وقد توجد الدلالة باللفظ دون دلالة اللفظ لعدم تفطن السامع لكلام المتكلم لصارف، إما لكونه لا يعرف لغته، أو استعمل المتكلم لفظا مشتركا بدون القرينة، أو بقرينه لم يفهمها السامع.
وثامنها: أن الدلالة اللفظ حقيقة واحدة لا تختلف في نفسها؛ لأنها إما علم أو ظن، وهما أبد الدهر على حالة واحده، والدلالة باللفظ، وهي استعماله تختلف فتارة يجب في الاستعمال تقديم خبر المبتدأ، وتارة يجب تقديم الفاعل.
وتارة لا يجب، إلي غير ذلك من اختلاف أوضاع اللغات العربية والعجمية [والعرفية].
وتاسعها: أن دلالة اللفظ لا تدرك بالحس في مجرى العادة، والدلالة باللفظ تسمع.
وعاشرها: أن الدلالة باللفظ لا تتصور في الغالب إلا من مسميات عديدة نحو: قام زيد، فإن كل حرف منه مسمى لاسم من حروف الجمل والنطق بالحرف الواحد نحو (ق)، و (ش) نادر، وأما دلالة اللفظ فدائما هي مسمى واحد، وهي علم أو ظن.
وحادي عشرها: أن الدلالة باللفظ اتفق العقلاء على أنها من المصادر السيالة التي لا تبقي زمانين، واختلفوا في دلالة اللفظ هل تبقى أم لا؟
وثاني عشرها: أن دلالة اللفظ تأتي من الآخرين، بخلاف الأخرى.
وثالث عشرها: الدلالة باللفظ لا تقوم إلا بمتحيز، ولا يمكن غير ذلك، ولذلك أحلنا الأصوات على الله -تعالى- ودلاله اللفظ على قيامها بغير المتحيز، وكذلك فإن الله -تعالى- له علم متعلق بجميع المعلومات، وسمع جميع الكلام، والأصوات.
ورابع عشرها: دلالة اللفظ لا نتصور من غير سمع؛ فإن فهم معنى اللفظ فرع سماعه، والأخرى تتصور من الأصم الذي طرأ عليه الصمم؛ فإن الذي لم يسمع قط لا يتصور منه النطق باللغات الموضوعة، لأنه لم يسمعها حتى يحكيها، ولذلك قال الأطباء: إن الخرس أصابهم غالبا في آذانهم لا في ألسنتهم، فلم يسمعوا شيئا يحكونه، فلذلك لا يتكلمون.
وخامس عشرها: الدلالة باللفظ توصف بالصفات الكثيرة، فيوصف النطق بالفصاحة، والجهورية، واللكن، والتمتمة، وغير ذلك مما يوصف به المتكلمون في كلامهم، ودلالة اللفظ لا توصف بشيء من ذلك، ولا يوصف العلم الحاصل عن النطق بغير كونه علما، نعم الظن الناشيْ عن النطق قد يوصف بالقوة بخلاف العلم. انتهى .
^ نفائس الأصول في شرح المحصول، القرافي (٥٦٨،٥٦٧،٥٦٦/٢)
التسميات: أصول الفقه
0 تعليقات:
إرسال تعليق
الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]
<< الصفحة الرئيسية